شارك هذا الموضوع

ملخص المجلس الرمضاني ليلة 27 رمضان 1441 هـ / السيد ميثم المحافظة / القناعة تُغْنِي

واصل سماحة السيد المحافظة سلسلة مجالسه الرمضانية و ذلك ليلة السابع و العشرين من شهر رمضان لعام 1441 هـ بحسينية الحاج أحمد بن خميس - على الفضاء الافتراضي - ، و تحت عنوان " القناعة تُغْنِي " ، القناعة و الطموح ، من خلال بعض ما نستمع اليه من مشاكل نفسية أو شخصية أو ما يحدث من مشاكل أسرية أو إجتماعية ، نلاحظ غياب القناعة هي سبب الكثير من تلك المشاكل ، حيث يقبل و يتلهف الزوج على الدنيا ، فلا تراه حاضرًا في محاضر الخير لا مواسيًا ولا مهنئًا ، فيركض وراء الدنيا جشعًا و طمعًا ، و بعض النساء اللّاتي لا تكون لهن تلك الصفة فينظرن الى الغير بما آتاهم من الخير ، ينتج عنه الكوارث الأسرية .

القناعة قيمة أخلاقية تستجلب الراحة النفسية للمؤمن و المؤمنة ، و تعريف القناعة هي رضا العبد بما قسم الله عز وجل له بعد أن جهد في تحصيل الخير ، اما عن طريق التجارة أو العمل او تمنّي حصول الخير مع هذا الجهد و بمستوى معين ، فان رضاه لله و شكره لله و ثناءه على الله بما وهب له هو القناعة ، في المقابل الجشع و الطمع الذي لا يعرف لطريق السعي أو جمع المال حد . و الجشع يختلف عن الطمع ، حيث الطمع أن يكون الإنسان ساخطًا للنعم التي أعطاهُ الله ، ويكون غير قانعًا و غير راضيًا ، أما الجشع فهو أشد من الطمع وهو أن يتمنى المرء زوال نعمة الغير ، النبي ( ص ) " لو كان لابن آدم واديانِ من مالٍ لابتغى ثالثًا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " .

" فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (36) " أي قدموا الخيرو الفائدة للقانع وهو الفقير المتعفف الذي لا يسأل ، فيتعرف الناس على طلبه و حاجته فيقدمون له الخير و يشكر الله على ما قسمه الله له ، أما المعتر فهو من يسأل و يطلب ، وهناك من يلح في الطلب و الإعانة فمتى ما أُعطي قنع و شكر ، و هناك صنف آخر مهما أعطيته فإنه يؤذي و يشهر و يفتري على أصحاب الخير و يزعجهم ، ولكن بالرغم من واقعه فلا تقف عن اعطاءه . القناعة تمثل نعمة الهية و ليست لقلقة لسان ، فهي سلوك وملكة تُظهر من خلال التعامل مع الدنيا و المواقف . من سورة النحل " مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97) " الحياة الطيبة يعتقد البعض أنها الدار الواسعة و الحياة المرفهة و المال الكثير ، ولكن أمير المؤمنين يقول فيها أن الحياة الطيبة هي القناعة التي يرتاح فيها الإنسان ، لأن الطماع لا يشبع و يعيش دائمًا حالة الهم و السخط و عدم الرضا ، و من يتخذ القناعة أدبًا نفسيًا يريح نفسه .

أمّا منافع القناعة و فوائدها ، أولًا خفة حساب هذا المؤمن ، كلما كان الإنسان راضيًا ينتهي حسابه مبكرًا ، أما الطمّاع فيستثمر ويتاجر هنا و يقترض هناك فيطول حسابه عنه (ص ) " اقنع بما أوتيته يخف عليك الحساب " . ثانيًا لدى البعض اعتقاد خاطئ بأن القناعة تعني الفقر وعدم الغنى وعدم التطور و عدم الطموح وعدم الأمل ، وهذا خلط للمفاهيم ، ومن السلبيات ، يقول الإمام علي " القناعة تغني " الغنى ليس بكثرة المال ، وحى الله تعالى إلى داود عليه السلام " يا داود إني وضعت خمسة في خمسة، والناس يطلبونها في خمسة غيرها فلا يجدونها: .. ووضعت الغنى في القناعة وهم يطلبونه في كثرة المال فلا يجدونه ،.. " لا نقول بأن لا تتأجر ولا تتكسب ، بل اجمع المال و استثمر لكن لا تنسَ آخرتك و الشكر، و أن تجتمع مع الناس و تألف و تؤلَف ، الإسلام يشجع على التجارة ، ولكن هناك مجتمعًا يطالبك بالحضور ، و آخرة تطالبك بالزاد .

في رواية عن الإمام الصادق " من قنع لم يغتم " ، عن علي " عليك بالقناعة فانها لك عزًا " القناعة تجعلك لا تحتاج لأحد و لا ترق وجهك لأحد ، فالقناعة عز و غنىً وراحة و اطمئنان . كيف نغرس هذا الأمر في شخصياتنا ؟ من وصية الإمام الصادق " انظر إلى من هو دونك في المقدرة ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك واعلم ان العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند الله جل ذكره من العمل الكثير على غير يقين " اذا نظرت الى من هو دونك ستشكر الله على ما أعطاك و ميّزك على من هم دونك في الخير و المستوى ، و اذا نظرت الى من هو أعلى منك ، سينغص لك عيشك و يغم نفسك و يجعلك ربما تتمنى زوال نعمته . يجب أيضًا أن تجعل الآخرة من أولويات حياتك قبل الدنيا ، عن الإمام زين العابدين ( ع ) " وَلا تَشْغَلْني بِالاِهتِمامِ عَنْ تَعاهُدِ فُرُوضِكَ، وَاسْتِعْمالِ سُنَّتِكَ فَقَدْ ضِقْتُ لِما نَزَلَ بي يا رَبِّ ذَرْعاً " ، " إعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً " ، الطموح و الأمل لا يقف موقف مضاد مع القناعة ، بل أن القناعة محركًا للأمل و الطموح و التطوير ، ويقابل الأمل اليأس .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع