شارك هذا الموضوع

ملخص المجلس الرمضاني ليلة 21 رمضان 1441 هـ / السيد ميثم المحافظة / ماذا خسرت الإنسانية؟

واصل سماحة السيد المحافظة سلسلة مجالسه الرمضانية و ذلك ليلة الواحد و العشرين من شهر رمضان لعام 1441 هـ بحسينية الحاج أحمد بن خميس - على الفضاء الافتراضي - ، وهي ذكرى استشهاد أمير المؤمنين علي عليه السلام ، واحدى ليالي القدر ، و تحت عنوان " ماذا خسرت الإنسانية برحيل علي (ع) ؟ " ، فصل أخير من فصول كتاب " الإمام علي في الفكر المسيحي المعاصر " لصاحبه راجي أنور هيفا ، هذه المحطة الأخيرية في كتابه والتي تصادف هذه الليلة ذكرى رحيله ، قد جعل مطلع عنوانها ( ماذا خسرت الإنسانية ) ، ولم يجعله ( ماذا خسر المسلمون )، ذلك لأن المسيحيين أنفسهم يرفضون أن يكون الإمام علي ( ع ) ملكًا للمسلمين فقط .

يعتبر المسيحيون أن الإمام علي ( ع ) ملك عام و إرث انساني عظيم خلقته رحمة و حكمة السماء لعموم الأرض ، وبالتالي فإن فقدانه يعني خسارة الإنسانية لا خسارة المسلمين فحسب . مثّل الإمام علي العظمة ذاتها ، تلك العظمة الناهضة و المندفعة من تحت رماد الأحزان و الآلام ، ومن هنا كانت العظمة عنده ( ع ) هي العظمة التي تتجلى في حياة البشر أقوالًا و أفكارًا و أفعالًا . ان العظمة عند أمير المؤمنين هي أن تقهر نفسك في الوقت الذي تحاول فيه نفسك أن تقهرك .لقد أراد الإمام علي شيئًا ولكن القوم أرادوا أشياء أخرى . لقد أراد ( ع ) أن يرفعهم ويسمو بهم الى السماء ، لكنهم أرادوا أن يبقوا مقيدين في الى الأرض بسلاسل من الأطماع و بقيودٍ من نوازع الشر و الشهوات ، يتحركون وفق قوانين الغاب لا وفق مبادئ و آداب السماء . ولذلك كان أعداء علي ( ع ) هم من يملكون متاع الأرض ، أما علي ( ع ) فكان هو من يملك مفاتيح السماء .

و يرى الأستاذ الأديب نصري سلهب ، أن القوم فقدوا خلاصة القرآن وهو مجمع الكلمات الإلهية الخالدة التي تدعو لكل فصيلة روحية و أخلاقية وفكري من شأنها أن تسمو بالإنسانية جمعاء ، وليس بالمسلمين وحدهم كما يظن و يعتقد البعض ، الإمام علي هو صوت القرآن و روحه ، وبما أن القرآن نزل للعالمين أجمعين ، فإن هذا يعني أنا الإمام عليًا ( ع ) قد جاء أيضًا كالقرآن لكل العالمين . حيث يقول سلهب " ان امرءَا يعيش كتاب الله قولًا وفعلًا ، فلا يغيب عن باله و خاطره آية من آياته ولا كلمة من كلماته ، يذكرها فرادى و زمرًا .. حتى غدت غذاءً روحيًا له ، بل زادته لحياته و المعاد ، ودستورًا يستوحي منه أحكامه و مواقفه ، ان امرءًا هذا شأنه لا يمكن إلا أن يكون تعبيرًا حيًا للحق و الخير ، للشجاعة والمروءة ، للتسامح و المحبة ، للزهد و الطهر "

وقد أكد الأديب الفيلسوف جبران خليل جبران حقيقة عدم اعطاء الإمام علي حقوقه و لم يُعرف قدره في موطنه و بين قومه ، حيث كان عليًا ( ع ) عند الفرس بمقام الجوهرة المتلألئة التي ليس لها مثيل أو شبيه ، في حين كان عند بني قومه بمثابة حجرة عثرة تقف جاثمة فوق صدورهم ، تمنعهم من العودة الى عالم البداوة و أحكام الجاهلية ، واعتبر جبران أن الصراع بين علي ( ع ) ومناوئيه هو صراع بين الحق و الباطل ، بين الإنسانية و الهمجية ، بين الحضارة و البداوة المشبعة بروح الجاهلية . حيث قال " من خاصمه كان من أبناء الجاهلية "


الأديب و الباحث (روكس بن زايد العزيزي ) يرى أن الإمام علي ( ع ) قدّم للإنسانية عمومًا دروسًا لا تنسى ، ولا يمكن للزمان أن يمحوها وإن علت أمواجه او اشتدت عواصفه ، فالإمام علي ( ع ) وجه الحق وصوته الذي أراده الله أن يترجم عمليًا على مسرح الحياة في مرحلة عصيبة من مراحل الرسالة الإسلامية .. لذلك فالذي خسرته الإنسانية باستشهاد علي ( ع ) هو دواء النفوس و بلسم الروح . وعندما يتحدث الأستاذ العزيزي عن استشهاد الإمام علي ( ع ) وعن الآداب الرفيعة التي استشهد علي ( ع ) من أجلها ، فهو لا يقصد بهذا الكلام التعبير عن وجهة نظره الشخصية فحسب ، بل هو يمثل بذاك الكلام الشريحة الأوسع من المجتمع المسيحي المستنير روحًا و فكرًا ، فالإمام علي ( ع ) هو الإمام الذي يمثل بالنسبة للمجتمع المسيحي ، الجانب المشرق من الفكر الإسلامي ، ويضيف " قد فاق الهيام بعلي ( ع ) عند أهل العلم و الفن و الادب و الخلق الرضي حدود التصوير ." ، وقد قال بولس سلامة تلك الجملة الرائعة عن أمير المؤمنين ( ع ) " سدرة المنتهى في الكمال الإنساني علي بن أبي طالب " .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع