واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته ليلة الثاني عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1441 هـ ، و ذلك بحسينية الحاج أحمد بن خميس - على الفضاء الافتراضي - ، وتحت عنوان " قواعد في بناء النفس " ، ابتدأ سماحته بآية من سورة : وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) ، القرآن الكريم يؤكد على حقيقة في غاية الاهمية ، حيث أن الله يبين أن السعادة الدنيوية و السعادة الأخروية مرهونة باصلاح النفس ، ولهذا كان لزامًا على كل انسان أن يهذب و يروض نفسه ، لا سيما نحن في شهر تربية النفوس ، من خطبة الرسول ( ص) في استقبال شهر رمضان " من حسن منكم في هذا الشهر خلقه، كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام، " اصلاح النفس و تزكيتها وتغيير واقعها السلبي ضرورة في سائر الأوقات ، سنتحدث حول خمس قواعد أساسية تمثل منهجاً لتغيير سلوك الإنسان .
القاعدة الأولى أن تعرف نفسك أولًا ، هذه النفس أرض يجب أن نعرفها جيدًا كي نزرعها بالصالحات " من عرف نفسه فقد عرف ربه " لأنه من اهم الموصلات الى الله عز وجل ، يجب أن نعلم أن في هذه النفس قوىً متصارعة جُبل عليها الإنسان ، نحتاج الى (سياسة) أي الإدارة " سياسة النفس أفضل سياسة ، ورياسة العلم أشرف رياسة " ، كل انسان به نفس متمردة ميالة للشهوات و المنكرات ، تحتاج الى اتقان و احكام ، فان غلبت صاحبها أوقعته في وحل المعاصي ولهذا زين العابدين ( ع ) في مناجاة الشاكين " إلهِي إليْكَ أَشْكُو نَفْساً بِالسُّوءِ أَمَّارَةً، وَإلَى الْخَطيئَةِ مُبادِرَةً، وَبِمَعاصِيكَ مُولَعَةً، وَلِسَخَطِكَ مُتَعَرِّضَةً، تسْلُكُ بِي مَسالِكَ الْمَهالِكِ، وَتَجْعَلُنِي عِنْدَكَ أَهْوَنَ هالِك، كَثِيرَةَ الْعِلَلِ طَوِيلَةَ الاَمَلِ، إنْ مَسَّهَا الشَّرُّ تَجْزَعُ، وَإنْ مَسَّهَا الْخَيْرُ تَمْنَعُ، مَيَّالَةً إلَى اللَّعِبِ وَاللَّهْوِ، مَمْلُوَّةً بِالْغَفْلَةِ وَالسَّهُوِ، تُسْرِعُ بِي إلَى الْحَوْبَةِ، وَتُسَوِّفُنِي بِالتَّوْبَةِ. " لكل نفس قابليات ، فيجب أن تعرفها لتبدأ بمعالجتها .
القاعدة الثانية : تعرّف على قاعدة التغيير للنفس ، فامزجة النفس متفاوتة ومختلفة لدى الناس : الإمام الخميني يتحدث حول خصائص النفس وأن لله أسماء جلالية و جمالية ، والناس نوعين ، منهم من يحركه جانب الجلال من نار و عقاب وتخويف ، ومنهم من يحركه جانب الجمال من التشويق و الجنة و الجزاء ، لتعرف نفسك ، ءأنت جلالي أم جمالي ، فتش في نفسك ، ما هو مفتاح تغييرها لتبدأ مشروع التغيير . القاعدة الثالثة : يجب أن تؤمن بضرورة التزكية ، الناس منهم من يتقبل من واقعه من انحطاط ، و منهم من لا يؤمن الا بالطهر و النقاء و الصلاح ، فيجب الإيمان بأن تزكية النفس ضرورة على المستوى العقلي فيلزم صاحبه بأدلته الواضحة بأن المعاصي ستدخله النار ، ودفع الضرر واجب وهو متوقف على التوبة فالتوبة واجبة عقلًا ، و من الجانب النقلي ، من سورة الزمر " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) " التوبة و تغيير النفس واجب عقلًا و نقلًا في الشريعة . القاعدة الرابعة اكسر حاجز الأنا ، مفتاح السلوك و التغيير يبدأ من الأنا ، لأنها هي التي تحول بين المرئ وبين كماله ، وبسببها طرد الشيطان .
القاعدة الخامسة : البرنامج الإصلاحي للنفس ، من أراد أن يغير نفسه فعليه بأربعة أمور ، الأمر الأول هو المشارطة ، وهو عقد بين الإنسان و نفسه و معاهدة النفس بفعل الخير ، تضرب عقدًا بينك وبين نفسك ، الأمر الثاني بعد أن تحقق العهد المراقبة ، أن تدرس كل خطوة تقوم بها ، إن رجلا أتى النبي (صلى الله عليه وآله) فقال له: يا رسول الله أوصني فقال له رسول الله (ص): فهل أنت مستوص إن أنا أوصيتك حتى قال له ذلك ثلاثا وفي كلها يقول له الرجل: نعم يا رسول الله، فقال له رسول الله (ص) : فإني أوصيك إذا أنت هممت بأمر فتدبر عاقبته فإن يك رشدا فامضه وإن يك غيا فانته عنه. الأمر الثالث المحاسبة ، يجب أن تسأل نفسك قبل أن تنام كيف قضيت ذلك اليوم ؟ ، عن الني ( ص ) " لا يكون العبد مؤمناً حتى يحاسب نفسه أشدّ من محاسبة الشريك شريكه والسيّد عبده " اجعل نفسك في محكمة الضمير ، فان نجوت منها لن تنجو من محكمة الآخرة . الأمر الرابع المعاقبة ، الزم نفسك اذا أخطأت كعقوبة بختم جزءًا من كتاب الله أو بالصدقة في قبال اخطائها او احرمها مما تحب . عليك أن تمارس انت القاضي و المدان و مطبّق العقوبة .
التعليقات (0)