واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته ليلة الحادي عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1441 هـ ، و ذلك بحسينية الحاج أحمد بن خميس - على الفضاء الافتراضي - ، وتحت عنوان " العلامات الحتمية لظهور المهدي ( عج ) " ، ابتدأ سماحته بحديث للإمام جعفر الصادق ( ع ) " قبل قيام القائم عليه السلام خمس علامات محتومات: اليماني والسفياني والصيحة وقتل النفس الزكية والخسف بالبيداء " ، القضية المهدوية قضيةٌ كونية لا يمكن أن يتنكر لها عاقل ، قد تلبس ثوب الإمام المهدي كما هو عند المسلمين ، وقد تلبس ثوبًا آخر كما هي الحقيقة الأخرى عند غير المسلمين ، كالمصلح ، وهو عنوان كلي قابل أن ينطبق على المهدي ( ع ) عند المسلمين و المصلح عند اليهود ( السيد الميكائيلي ) و عند المسيح و عند البوذيين يتفق الجميع على وجوده و لا يمكن أن يتنكر أحد لانها ضرورة من ضرورات الدين ، ومن أنكر المهدي ليس بمؤمن ، من أنكر الضرورة فقد سُلب إيمانه ، النبي المصطفى يقول "اني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا " ضرورة وجود المهدي قائمة بالدليل القطعي ، فحديث الثقلين ليس من أحاديث الآحاد الظنية ، بل هو حديث متواتر يعطي نتيجة القطع .
السنة والشيعة يتوافقون على الأقل على التواتر المعنوي بأن لا تخلوا الأرض من حجة ، وضرورة وجود الإمام في كل زمان و مكان ، نحن الشيعة نعتقد بضرورة وجود الإمام ، حيث قال ( ص ) و المعصومون ( ع ) : لا تخلو الأرض من قائم لله بحجّة، إمّا ظاهراً مشهوراً, أو خائفاً مغموراً" لئلا تبطل حجج الله وبيّناته " فالنتيجة واحدة والمعنى واحد وان اختلفت الألفاظ . الإمام المهدي يُحقق احلام الأنبياء ، و الله عز وجل أرسل الأنبياء و الأوصياء من أجل اعلاء كلمة " لا اله الا الله " وقد رحل مائة و أربع و عشرون ألف نبي ، ولا تزال ركائز الكفر قائمة ، فمتى يتحقق قول الله في سورة التوبة : " هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33) " ، فمتى سيتحقق الظهور وتحقق الغلبة ولا يوجد كافر على وجه الأرض ، فقد ذهب الأنبياء و النبي الخاتم ولم يتحقق ذلك بعد ، الله يريد علو كلمته ، وروى الشيخ الصدوق: عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله عليه السلام في قول الله عزَّ وجلَّ: والله ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتى يخرج القائم عليه السلام، فإذا خرج القائم عليه السلام لم يبق كافر بالله العظيم، ولا مشرك بالإمام إلا كره خروجه حتى لو كان هناك كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله .
عندما نتحدث عن الإمام الموعود الذي اختبر الله به الأمة فغيبه عن الأبصار ، متى يخرج ؟ ،البعض يسأل شوقًا و البعض يسأل تألمًا وحزنًا و البعض يأسًا و قنوطًا و البعض عشقًا له ، الكل عينه على الإمام ، هناك علامات لظهوره ، و العلامات على نوعين ، النوع الأول العلامات غير الحتمية ، و النوع الثاني العلامات الحتمية ، نجد أن العلامات الغير حتمية كثيرة جدًا ، بينما العلامات الحتمية محدودة وتعد بالأصابع ، العلامات الغير الحتمية ورد الكثير منها في النصوص منها انتشار الموت الفجأة ، وكثرة الحروب و الفوضى ، ومنها وقوع الفيضانات و الزلازل وغيرها من الكوارث الطبيعية ، ومنها الخسوف و الكسوف بكيفية خاصة في ليلة القدر و غير ذلك ، ومنها فساد النساء و الرجال " كيف بكم إذا فسدت نساؤكم، وفسق شبابكم، ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر " اذن وجود التفسخ الخلقي من علامات آخر الزمان لكنها ليست من الحتمية . العلامات الحتمية اُختلف فيها ، بعض النصوص أبلغتها الى احدى عشرعلامة و البعض الى ثلاثة عشر علامة و البعض الى خمس علامات ، نقف عند رواية الخمس علامات التي ابتدأنا بها الموجودة في سائر النصوص الأخرى ، علامات حتمية ستظهر قبل ظهور القائم ، ما الفرق بين الحتمية وغير الحتمية ، العلامات الحتمية لابدّية الوقوع ، وجودها كالدلالة العقلية ، كدلالة الشمس على وجود النهار او لا وجود نهار من دون شمس ، لا تختلف و لا تتخلّف ، التخلّف ألا تقع أبدًا ، و الإختلاف الا يمكن أن يوجد شيء بديل ، أما الدلالات و العلامات الغير حتمية ، فمن الممكن ان تتخلف أي ألا يقع خسوف وكسوف ، أو أن تختلف أي يتغير الفيضان من بلدة الى أخرى .
من خصائص العلامات الحتمية أنها متصلة و متسلسلة ، السفياني بعدها اليماني بعدها النفس الزكية ثم الخسف وهكذا .. ، بينما العلامات الغير الحتمية قد توجد أحدها في زمان و الثانية تكون متباعدة تمامًا في زمان آخر ، ايضًا الحتمية هي من علامات الظهور ، فالخسف بالبيداء هي سنة الظهور ، الخاصية الأخرى للعلامات الحتمية أنها خارقة للعادة ، صيحة واحد يسمعها كل من في الأرض و كلًا بلغته و يسمعها المستيقظ و النائم ، الخاصية الرابعة أنها حتمية لا يعرضها البداء أي واقعية الوجود ، من الأمور المهمة و الخطيرة الإسقاطات المسترجلة عند بعض من يدعي العلم أو الفكر ، الإسقاطات من أخطر ما يصدر من أهل العلم ، وهي ربط الأحداث الروائية بزماننا المعاصر ، يخرج السفياني من الشام و رايات سوداء ، فنسقط ذلك على داعش ، وغيرها من العلامات ، لا ينبغي أن نفتري لأن هذه المسألة لها ترتبات كثيرة ، منها الكذب على أهل البيت و توهين العقيدة المهدوية ، " كذب الوقاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلمون " فالربط بين الروايات و ما نعيشه ليس بصحيح لعدة أسباب ، منها زلزة عقائد الناس ، فتأتي العلامة وتنصرف ولا يظهر الإمام ، الأمر الآخر يكون الأمر موضع سخرية للناس . وظيفتنا في زمن الغيبة الإنتظار الإيجابي .
التعليقات (0)