واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته ليلة السادس من شهر رمضان المبارك لعام 1441 هـ ، و ذلك بحسينية الحاج أحمد بن خميس - على الفضاء الافتراضي - ، وتحت عنوان " ثالوث الظلام " ، ابتدأ سماحته بالآية الرابعة من سورة النحل " خَلَقَ ٱلْإِنسَٰنَ مِن نُّطْفَةٍۢ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ " الله يتحدث عن دقة خلقه لهذا الخلق "وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ " فأقسم على ذلك بعدة أقسام
. هذا الإنسان يمتلك قابليات و استعدادات لتبرز منه صفات سلبية ، هذا الأمر يجعلنا نقول بان بعض الصفات السلبية التي يساءل عنها الإنسان قد تكون في موضع الكمون فيخرجها الإنسان في اهماله و تقصيره في تربية نفسه و قد تحدث القرآن عن ذلك بوصف الإنسان بالجزع و الهلع و البخل ، " إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ " من اشتغل بالصلاة التي هي مؤشر الصلاح و التزكية لن تظهر عليه هذه الصفات .
ثالوث الظلام مصطح أطلقه علماء النفس وهي اشارة الى الصفات السلبية التي تتسم بها صفات الإنسان ووصفت بالثالوث لانها ثلاث شخصيات برزت منها هذه الصفات ، الشخصية الأولى ذات الإعتلال النفسي ، - السيكوباثية - و هي شخصية تسعى دائمًا للسيطرة و الهيمنة و تتسم بالقسوة و العدائية للجميع و لا تستشعر الندم حينما تُخطئ و تقتل و تريق الدماء وهي من أخطر أنواع الصفات التي توجد في الإنسان ، الثانية هي الشخصية النرجسية ، من اتسم بها فشخصيته همّها الإطراء و الثناء فيحب نفسه و يعيش غرورًا و لا يفكر الا في الأنا و ان هلك الآخرون ، الشخصية الأخيرة هي الشخصية المكياليفية ، تعتبر شخصية ذات سمات خطيرة ، تبدأ من منطلق ( الغاية تبرر الوسيلة ) ، المهم أن يصل الى غاياته ، فيتسم بالمكر و الخداع و الدهاء . عندما تجتمع هذه الصفات التي تكون ثالوثًا مظلمًا تكون مصدرًا للشر ومصدرًا للافساد .
من ابرز خصائص تلك الشخصيات انها هي الأكثر عُرضة للوقوع في الجرائم و اقترافها ، وتسبب متاعب كثيرة في المجتمع ، وهذه من الأمراض الذهانية كالوسوسة و الإكتئاب فيمكن علاجها ، بينما الأمراض العقلية لا تعالج ، هذه الشخصيات لو كانت قيادية فستريق الدماء و ستعيث في الأرض الفساد ، لأنها تتحرك من مُنطلقات شخصية سلبية ، وغالبًا ما تكون قاسية لأبعد الحدود و بعيدة كل البعد عن الرحمة ، لا ندم عندها و الإسلام الحنيف يعتقد بان الإنسان ليس شريرًا بطبعه ، فلا يخرج انسانًا من بطن امه وهو شرير ، لكن كل ذلك بسبب العوامل البيئية و الخارجية ، الشارع الشريف جاء بتدابير عديدة من اجل أن يعيش الانسان سلامًا روحيًا و سلوكيًا .
من التدابير التي جاء بها الشارع الشريف أمر بضرورة تزمية النفس " قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) " فجاءت دعوة رصينة في سورة الشمس بعد احدى عشر قسمًا ، التدبير الثاني أمر بضرورة احترام الإنسان وأمر باحترام المؤمن لأخيه المؤمن فلا يرضى أن ينتهك حرمته او أن يستغيبه او أن يسخر عليه ، الأمر الثالث أمره بضرورة التواضع وهو مهم لانه لا يكون الا بالتخلص من الأنا ، ابليس قال " قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ ۖ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ (76) " فهلك ، و فرعون قال " فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَىٰ (24) " فأركسه الله تعالى ، منع الشارع الإنسان الغرور ، من سورة الإسراء " وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ۖ إِنَّكَ لَن تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَن تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولً " وقد وصى علي عليه السلام ابنه الحسن (ع) "إياك وظلم من لا يجد عليك ناصراً إلا الله " ، و لكي يوجد الاسلام حالة الحب بين المؤمنين ، أمر باشراك المؤمن في كثير من الأعمال ، كالدعاء لأربعين مؤمنًا ، وأمر الإسلام بالمصافحة لما ذلك من أثر ، " وإن المسلم إذا صافح أخاه، تحاتت خطاياهما, كما يتحات ورق الشجر " .
التعليقات (0)