شارك هذا الموضوع

الشيخ محمود طاهري ليلة السابع من المحرم لعام 1441 هـ

واصل سماحة الشيخ محمود طاهري سلسلة مجالسه الحسينية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في الليلة السابعة من شهر المحرم لعام 1441 هـ ، و مواصلة لعنوان " إشكالية تفدية الفاضل للمفضول " - تفدية المعصوم لأصحاب الحسين بقوله " بأبي أنتم و أمي " ، وقفة معرفية علمية مع مقطع من زيارة أصحاب الحسين ( ع ) - حيث أكمل سماحته موضوع البارحة بالمقطع الشريف من زيارة الإمام الصادق (عليه السّلام) في الزيارة التي علّمها لصفوان الجمّال : (( السّلام عليكم يا أولياء الله وأحبّاءه ، السّلام عليكم يا أصفياء الله وأودّاءه ، السّلام عليكم يا أنصار دين الله ، السّلام عليكم يا أنصار رسول الله ، السّلام عليكم يا أنصار أمير المؤمنين ، السّلام عليكم يا أنصار فاطمة سيدة نساء العالمين ، السّلام عليكم يا أنصار أبي محمّد الحسن بن علي الزكي الناصح ، السّلام عليكم يا أنصار أبي عبد الله , بأبي أنتم واُمّي طبتم وطابت الأرض التي فيها دُفنتم ، وفزتم فوزاً عظيماً ، فيا ليتني كنت معكم فأفوز معكم ))

الوجوه التي تذكر لتفدية الإمام الصادق لأصحاب الحسين ، هناك هدة أجوبة ، الأول : التفدية " بأبي أنت وامي " من الصياغات الجائزة شرعًا بدليل أن النبي و الأئمة طبقوها في مقام المحاورة ، فليس فيها شيئ من الحزازة أو المبغوضية ، اذن يتوافق مع السلوك العقلي ، ولكن هذا ليس جوابًا علميًا تبريريًا ، بل نريد أن نعرف ما هي الفلسفة ؟ فالجواز شيء و فلسفة التفدية شيءٌ آخر ، الثاني : استخدم جواب الأول ولكن استعمل شاهدًا قرآني من سورة الصافات : " وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ " ولابد أن نعرف ما هو المُفدِّي و ما هو المُفدَّى ، المفدِّي الإمام الحسين و المُفدَّى هو اسماعيل ، و مقام الحسين أفضل من مقام اسماعيل .

في رواية الشيخ الصدوق في كتابه عيون أخبار الرضا ص187 ، حدثنا عبد الواحد بن محمد بن عبدوس النيسابوري العطار بنيسابور في شعبان سنه اثنين وخمسين وثلاثمأة قال: حدثنا محمد بن علي بن محمد بن قتيبة النيسابوري عن الفضل بن شاذان قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: لما أمر الله تبارك وتعالى إبراهيم عليه السلام ان يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنى إبراهيم عليه السلام أن يكون يذبح ابنه إسماعيل عليه السلام بيده وانه لم يؤمر بذبح الكبش مكانه ليرجع إلى قلبه ما يرجع قلب الوالد الذي يذبح أعز ولده بيده فيستحق بذلك ارفع درجات أهل الثواب على المصائب فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم من أحب خلقي إليك؟ فقال: يا رب ما خلقت خلقا هو أحب إلى من حبيبك محمد (ص) فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم أفهو أحب إليك أو نفسك؟ قال: بل هو أحب إلى من نفسي قال: فولده أحب إليك أو ولدك؟ قال: بل ولده قال: فذبح ولده ظلما على أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟ قال: يا رب بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي قال: يا إبراهيم فإن طائفة تزعم أنها من أمه محمد (ص) ستقتل الحسين عليه السلام ابنه من بعده ظلما وعدوانا كما يذبح الكبش فيستوجبون بذلك سخطي فجزع إبراهيم عليه السلام لذلك وتوجع قلبه واقبل يبكى فأوحى الله عز وجل إليه: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين عليه السلام وقتله وأوجبت لك ارفع درجات أهل الثواب على المصائب فذلك قول الله عز وجل: (وفديناه بذبح عظيم) ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم .

التفدية جزع ابراهيم على الحسين ، فجزع ابراهيم على مصيبة الحسين ليس أفضل من مقام اسماعيل ، بل ببركة الجزع على الحسين وقعت التفدية ، مقام اسماعيل كمقام نوراني وذاتي أفضل من مقام الجزع ، فتكون التفدية من مصاديق تفدية المفضول للفاضل كما في الكبش ، فاذن ليس هذا هو الجواب ، الأمر الثالث والذي به يتضح المطلب ، تارة يلحظ الإمام في تفديته أصحاب الحسين بما هم أصحاب و تارة لا الى ذوات الأصحاب بل الى أعمالهم ، وليس هناك أعظم من نصرتهم ، في الزيارة " طبتم " ، تارة هناك من وصل الى مقام : طبتم قبل أن يصل الى الحسين ، كحبيب بن مظاهر ، ادراكه للحسين يعطيه رصيدًا معرفيًا ، تارة يصل الإنسان الى مقام طبتم بعد أن يصل الى الحسين كزهير بن القيل وجون لم يكونوا من أصحاب الحسين ابتداءً ، اذن هذه التفدية ناظرة الى ما بعد مرحلة التحاقهم بالحسين فتكون التفدية لها المُحصّلة ، فحصلوا على هذا المقام ، فيفدي الإمام الصادق نفسه الى الحسين بالذات " إِنْ كَانَ لَمْ يُجِبْكَ بَدَنِي عِنْدَ اسْتِغَاثَتِكَ وَ لِسَانِي عِنْدَ اسْتِنْصَارِكَ فَقَدْ أَجَابَكَ قَلْبِي وَ سَمْعِي وَ بَصَرِي " ، الأصحاب وصلوا الى مقام التسليم الى الحسين ( ع ) .

وقيل: لما آخى الله تعالى بين الملائكة، آخى بين جبرئيل وميكائيل فقال: إني قد آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر أخاه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة. فقال الله عز وجل: أفلا تكونان مثل علي؟ حيث آخيت بينه وبين حبيبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقد آثره بالحياة على نفسه في هذه الليلة. وقد بات على فراشه يفديه بنفسه. أهبطا فاحفظاه من عدوه. فهبطا إلى الأرض وجلس جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وهما يقولان: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، من مثلك؟ وقد باهى الله بك ملائكة السماء، وفاخر بك.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع